تداعيات خيانه البشمركه للتركمان في طوز خورماتو يوم ٢١ اذار ١٩٩١
بالرغم من مرور ١٤ عاما على الانتفاضه الشعبانيه
المباركه في العراق مازلنا نتذكر تلك الايام العصيبه
التي مرت بنا بكل ما احتوت تلك الايام من التجاوزات
اللاانسانيه من قبل النظام البائد بعدما توقع الشعب
العراقي بانه قد تخلص من العبوديه والاستبداد.
وكانت مدينه طوز خورماتو حالها حال بقيه المدن العراقيه
الاخرى قد مرت بسلسله من الاحداث بدءا من يوم ١٠ اذار
وحتى ٢١ منه، وللتاريخ يستحق كل حدث من هذه الاحداث
الوقوف عنده ودراسته وتحليله بما ينسجم مع اهميته على
الصعيد الوطني والقومي والديني وهذا يتطلب التعمق بكل
تفاصيل هذه الاحداث التي عشناها لحظه بلحظه وتعريف
الشخصيات التي لعبت دورا بطوليا في تلك الايام انطلاقا
من مبداء رفض الظلم ومطالبا الحريه وتحقيق العداله وهذ
يدفعنا الى كشف الحقائق كما هي وعكس الصوره الحقيقيه لما
جرى انذاك لاننا كطلاب علم تعلمنا ان ندرج الحقائق كما
هي مستندا الى البراهين والادله بعيدا عن العاطفه ليكون
الموضوع الذي نطرحه منطقيا وصادقا مستوفيا لشروط البحث
العلمي ليكون من خلال ذلك لائقا لمستوى الحدث.
بعد يوم ١٠ اذار ١٩٩١ تعرضت مدينه طوز خورماتو الى عده
هجمات من قبل الجيش العراقي للمحاوله باستعادتها بعد ان
سقطت بيد الشعب (والذي سنطرق الى احداث هذه الايام
مستقبلا انشاءالله) وكان من ضمن القوات المشاركه قوات
خاصه ٥٦ والتي كانت تعد من اقوى فرق القوات الخاصه
العراقيه وقد وصل الامر الى مشاركه الجيش بالانزال عن
طريق المروحيات الى داخل المدينه نتيجه المقاومه العنيفه
التي ابداها المقاتلون وتزامن ذلك بالقصف المدفعي
والهاون فضلا للصواريخ والقنابل التي كانت تطلقها
السمتيات الى كل هدف متحرك داخل المدينه ولكن كل هذه
العمليات باءت بالفشل نتيجه التنظيم الجيد للمفاتلين
وعزيمتهم بالصمود، وكانت مجاميع المقاتين تتكون من
التركمان والاكراد من اهالي المدينه فضلا عن البشمركه
التي دخلت الى المدينه اولا قادما من السليمانيه، وبداء
الاهالي من التركمان بتنظيم صفوفها الى جانب الاخوه
الاكراد لتشكيل جبهه واحده للدفاع عن المدينه فالعلاقه
التي تربط التركمان باكراد المدينه فضلا عن الاخوه العرب
هي علاقه الاحترام المتبادل والصداقه ولاخوه والعيش
المشترك بعيدا عن الكراهيه والتعصب والذي يريد البعض
اشعال هذه الفتنه بين ابناء هذا الشعب بوسائل مختلفه.
لقد توزعت الواجبات على هذه المجاميع من خلال توزيعها
الى مناطق مختلفه في المدينه اذ يقع على عاتق كل مجموعه
حمايه المنطقه التي تتواجد فيها على سبيل المثال منطقه
الغرب (طريق تكريت) والجنوب (طريق بغداد) منطقه الشمال
(طريق كركوك) اما المنطقه الشرقيه فهي كانت امنه نوعا ما
لانها منطقه جبليه وبالرغم من ذلك فقد جرت هناك في
الايام الاولى معارك مع الجيش، فالمعارك التي كانت اكثر
شراسه قد جرت في المنطقه الشرقيه والتي كانت ضمن مقاطعه
المقاتلين التركمان وكون ان اكثر افراد هذه المجاميع
كانو ا من العسكريين لذلك كانت اداره المعارك تجري
باسلوب وخطط عسكريه مدروسه واود هنا الاشاره الى احدى
هذه المعارك التي كبد فيها المقاتلين للقوه المهاجمه
خسائر كبيره كانت معركه المشروع والتي شاركت فيها
الدبابات، ففي الوقت الذي كانت هذه المجاميع تاءخذ من
المشروع (مشروع ري كركوك وصدام سابقا) ساترا دفاعيا لها
و يبعد عن مركز المدينه ما يقارب ٤ كيلو متر، اخذ من
الشارع العام الذي يربط كركوك ببغداد ساترا دفاعيا لها
هذا الشارع الذي يمر من داخل المدينه بارتفاع ٤، ٥ متر
تقريبا، جعل الجيش يظن بان المقاتلين قد انسحبوا من
المدينه وعند وصولهم بالقرب من الشارع العام واجهت
مقاومه عنيفه من المقاتلين وكانت النتيجه تقهقر القوات
واسر بعض الجنود والذين اطلق سراحهم والمصابين تم نقلهم
بعربات الحماله من قبل الشباب التركمان الى المستشفى
لعدم توفر السيارات عندذاك والاستيلاء على دبابه وقام
احد الاخوه التركمان بتشغيله وسياقته ودفع ثمن هذا العمل
فيما بعد، اذ بعد استعاده البعث عافيته في طوز امر بنقل
هذا الشاب الى خارج المدينه وحرمانه من بعض الحقوق
، وسندخل في تفاصيل عن اسماء القياديين لهذه المجاميع
والذين هم ابناء طوز المجاهدين وكذلك المقاتلين الابطال
في مناسبات اخرى.
لقد استمر هذا الوضع في طوز لغايه يوم ٢١اذار وخلال هذه
الفتره كانوا هوءلاءيسهرون الليل من دون نوم وتركوا
اهلهم واطفالهم وهم يدافعون عن مدينتهم وعن حريه اهلها
الذي لم يتذوق طعم الحريه لانه كان يشعر بانه يعيش تحت
الاحتلال نتيجه سيطره الغرباء على المناصب الاداريه
والسياديه والسياسيه في المدينه ولم يكن لاهل المدينه
دورا رياديا في رسم السياسه او المساهمه فيها، وكل هذه
المعطيات كانت سببا لكي يضع التركمان يده بيد اخيه
الكردي للخلاص من زمن العبوديه والذين كانوا مع التركمان
ذاقوا مراره هذه المرحله ظنا بان هذه المرحله وبكل ما
احتوت من الاظطهاد والشوفينيه والعنصريه قد ولى دون
رجعه، وقد اثبتت الايام بان الجميع كانوا واهمين بهذا
الطرح بعدما توضحت الصوره امام العراقيين بانها كانت
مسرحيه ابطالها من السياسيين لعبوا دورهم بشكل رائع
للحصول على مكاسب معينه ومحدده ولم تكن في اللعبه خاسرا
الا التركمان والشيعه.
فالذي حصل في يوم ٢١اذار خير مثال على ما ذهبنا اليه ففي
الوقت الذي قاتل التركمان مع اخوانهم الاكراد كل هذه
الايام التي سبقت وقدمت الشهداء لم يتوقع ان يخونه
البيشمركه، بعدما اطمئن بانه يواجه مع اخيه الكردي عدوا
مشتركا، ففي صباح يوم ٢١ اذار فوجئت المجاميع
التركمانيه بهجوم كاسح من الجيش ومن عده محاور وكانت
الصدمه اكبر عندما اكتسف المقاتلين التركمان بان الجيش
قد تقدم من المنطقه التي هي تحت حمايه الاكراد ولم يكن
المقاتلين التركمان يتصورون بان الاكراد قد اخلو المناطق
التي من المفترض حمايتها من قبلهم واكشفوا في الوقت
المناسب بان الاكراد قد انسحبوا واخلوا هذه المناطق منذ
المساء ولايوجد فيها اي كردي ولم يبقى امام هوءلاء
المقاتلين الا الدفاع عن انفسهم واستطاعوا بالسرعه
الممكنه من الوصول الى مركز المدينه والدبابات تطاردهم
على بعد امتار حتى وصلوا اى السوق وهناك تم محاصرتهم من
قبل الجيش القادم من جهه الجمهوريه التي كانت تحت حمايه
الاكراد وهنا اوضح لي احد هوءلاء المقاتلين الشباب قائلا
عند وصولنا الى السوق اصبحنا مجموعتين لكي نستطيع من
خلال ذلك شق الطريق والفرار من نيران الجيش فكانت مجموعه
تقاوم حتى توءخر تقدم الجيش والاخرى تنسحب حتى عبرنا
السوق باتجاه مقبره(مرسى علي) ومن هناك اتجهنا نحو
الجبال ومنها الى ايران في حين اختباء ا لبعض داخل
البيوت وفي السراديب بسبب تطويق الجيش للمنطقه تاركا
الامر بيد رب العالمين والذي نجاهم من الموت باعجوبه
بعدما طوق الجيش المدينه ودخلها بيت بيت.
من خلال كل ما اسلفت اود ان اطرح السوءال التالي: هل ان
انسحاب قوات البيشمركه من المدينه ليلا دون علم احد
وهجوم القوات الصداميه مع الامن والمخابرات وعناصر حزب
البعث صباحا مصادفه؟ام كانت صفقه تمت بين الحكومه والقوه
السياسيه الكرديه للنيل من التركمان؟
اسئله اضعها بين يدي القاريء الكريم ليجيب عليها بنفسه
. قد يفيدنا الاجابه عليها لتوخي الحذر من مثل هذا النوع
من الغدر والخيانه ان لم يكن اكبر.